بالرغم من صدور قانون البلطجة الجديد وتضمنه لأحكام رادعة تطبق بقوي علي مرتكبي هذه الجريمة إلا أن الظاهرة لا تقل بل تتفشي في جميع صورها وفي مختلف المناسبات
ولا يكاد يمر يوم دون أن تحدث جرائم قتل أو نهب أو ترويع للمواطنين عن طريق البلطجة التي لم تقتصر علي الشوارع والطرقات بل امتدت للملاعب والمستشفيات والمدارس وكان من أخرها قيام بلطجي بتعطيل3 قطارات بقنا لمدة45دقيقة ولا يزال الأمن يطارده!
صدر قانون البلطجة لأول مرة في عام1988برقم6 من خلال إضافة باب إلي قانون العقوبات بعنوان الترويع والتخويف( البلطجة) واحتوي علي مادتين375مكرر و375مكرر أ, وكما يوضح الدكتور عمر الشريف مساعد وزير العدل لشئون التشريع انه تم إلغاء هذا القانون في23مايو2006لأنه لم يعرض علي مجلس الشورى قبل إصداره رغم انه من القوانين المكملة للدستور, ولم يتم إعادة إصدار هذا القانون بعد عام2006ولكن بعد أحداث ثورة يناير أصبح من الضروري إعادة اصدار هذا القانون لضبط النظام العام والأمن في الشوارع.
وتم إعداد مشروع القانون في القطاع التشريعي لوزارة العدل مستهديا بما تم إعداده في القانون السابق مع إجراء بعض التعديلات عليه لمواجهة حالة المساس بالطمأنينة والترويع التي عاشها الشعب المصري خاصة بعد انسحاب الأمن لفترات طويلة ومشروع القانون وافقت عليه وزارة العدل ومجلس الوزراء والمجلس العسكري. وصدر أيضا تحت باب سادس عشر من قانون العقوبات بمسمي جديد هو الترويع والتخويف والمساس بالطمأنينة( البلطجة) وتم اختيار لفظ الطمأنينة لأنه الشعور الذي كان يغيب عن المواطن في الشارع المصري.
وعن تفاصيل القانون يوضح مساعد وزير العدل أن المادة375 مكرر تتناول الركن المادي لهذه الجريمة وهو قيام الجاني باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدام القوة أو العنف ضد المجني عليه أو ضد زوجه أو احد أصوله أو فروعه بمعني أن يقوم الجاني بالفعل المادي ضد الشخص مباشرة بمجرد التلويح ضد آخرين غير حاضرين, أيضا الركن المادي ليس فقط أن يرتكب الجاني هذا الفعل بنفسه ولكن بواسطة غيره مثل إرسال تهديد مع آخرين.
والقانون اشترط في هذا الفعل المادي أو التلويح به أن يكون في طبيعته ملقيا للرعب في نفس المجني عليه أو يكدر الأمن والسكينة أو الطمأنينة أو يعرض حياته أو سلامته للخطر أو يضر بممتلكاته أو المصالح أو الحرية الشخصية أو بالشرف أو الاعتبار وأن تكون هذه الأفعال بطبيعتها تلقي الرعب في النفس وعلي سبيل المثال الحادث الشهير الذي وقع العام الماضي عندما التف مجموعة من المراهقين حول الفتيات في المهندسين مما أثار في أنفسهن الذعر.
أما الركن المعنوي في هذه الجريمة فهو القصد الجنائي أو العلم والإرادة وهي أن الجاني يعلم أن هذا السلوك هو سلوك مجرم ومع ذلك تتجه إرادته إلي القيام به وفي هذه الجريمة تطلب المشرع قصد خاص وهو وقوع نتيجة إجرامية للفعل وهي اتجاه إرادة الجاني إلي ترويع المجني عليه وتخويفه أو إلحاق أذي أو ضرر به أو بممتلكاته أو أن يحصل من المجني عليه علي منفعة منه أو يؤثر عليه بغرض السطو عليه أو إرغامه علي القيام بعمل أو الامتناع عن عمل أو تعطيل تنفيذ القانون أو مقاومة السلطات أو منع تنفيذ الأحكام أو الأوامر القضائية واجبة التنفيذ أو تكدير الأمن أو السكينة العامة وعلي سبيل المثال جلوس بعض الناس داخل أرض ومعهم عصي ويوقدون نارا بهدف إلقاء الرعب في نفس صاحب هذه الأرض للاستيلاء عليها أو تعطيل تنفيذ القانون.
وهذه هي جريمة البلطجة في صورتها البسيطة وهو ما ورد في الفقرة الأولي من المادة375وعقوبتها هي الحبس مدة لا تقل عن سنة والحد الأقصى لها هو ثلاث سنوات.
أما في الفترة الثانية من القانون فقد وضعت ظروف مشددة لهذه الجريمة وهي خمس ظروف مشددة أولها إذا وقع الفعل من شخصين فأكثر وإذا وقع الفعل باصطحاب حيوان يثير الذعر أو إذا كان الجاني يحمل أسلحة أو عصيا أو آلات أو أدوات أو مواد حارقة أو كاوية أو غازية أو مخدرات أو مواد منومة أو أي مواد ضارة أخري علي سبيل المثال مياه النار فقد لا يسكبها الجاني علي المجني عليه مباشرة ولكنه مثلا يقوم بسكبها علي كرسي ليري الشخص مدي تأثيرها علي هذا الجماد ويبث في نفسه الخوف.
ومن الظروف المشددة أيضا وقوع الفعل علي أنثي أو وقوع الفعل علي الطفل الذي لم يبلغ18سنة ميلادية كاملة, فإذا توافر احد هذه الظروف المشددة أو جزء منها أو كلها يكون الحد الأدنى للعقوبة هو الحبس لمدة سنتين والحد الأقصى خمس سنوات.
ويحكم في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة.
أما المادة375 مكرر أ ومازال الكلام لمساعد وزير العدل ـ فتتحدث عن الجريمة العادية الموجودة في قانون العقوبات مثل الضرب أو القتل أو السرقة أو الاغتصاب وتتناول ارتكابها بناء علي جريمة البلطجة حيث تضاعف عقوبة التشديد ويضاعف الحد الأدنى والحد الأقصى من العقوبة, فمثلا إذا كانت عقوبة الجريمة وحدها خمس سنوات فإن ارتكابها بناء علي جريمة البلطجة تكون العقوبة هي عشر سنوات. أما الجناية التي يعاقب فيها بالسجن أو السجن المشدد والذي مدته15 سنة فتمتد إلي20 سنة وإذا تمت بناء علي إصرار وترصد تكون العقوبة السجن المؤبد وتكون العقوبة بالإعدام, إذا ارتكبت جريمة البلطجة أو اقترنت أو ارتبطت بها أو تلتها جناية القتل العمد في المادة234 بدون سبق إصرار يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد لكن في هذه الحالة يكون إعداما.
وعن اختصاص القضاء العسكري بنظر هذه الجرائم أوضح المستشار عمر الشريف أن هذا مرتبط بحالة الطوارئ والقضاء العسكري ينظر في بعض القضايا المتعلقة بحالة الطوارئ وهي الخاصة بترويع المواطنين أو جرائم الإرهاب ومكافحة المخدرات وجاء ذلك خلال الإعلان الدستوري الذي صدر في13 فبراير.2011
أما المستشار رفعت السيد رئيس محكمة الجنايات فيري أن انتشار البلطجة له عدة أسباب, وللقضاء علي الظاهرة لابد من القضاء علي الأسباب أولا: فغياب الأمن عن الشارع المصري عقب الانفلات الأمني الذي حدث عقب ثورة25 يناير فضلا عن اقتحام السجون, وهروب أعداد غفيرة من المساجين المحكوم عليهم بعقوبات سواء بالاعتداء علي النفس أو المال واختلاطهم بالشارع كان لابد أن ينتج أثرا وهو انتشار ظاهرة الاعتداء علي النفس والمال من قبل هؤلاء المجرمين فضلا عن انقطاع سبل الرزق أمام أعداد غفيرة من المواطنين الذين يعملون يوما بيوم ويحصلون علي رزقهم يوما بيوم وأدي ذلك إلي زيادة البطالة بينهم بشكل واضح وانعدام مورد رزقهم ومن ثم ظهرت واضحة عمليات السلب والنهب والسرقة علي مستوي الوطن ككل ويستغل القائمون بهذه السرقات غياب الأمن وضعفه في الوقت الحاضر وعدم قدرته علي مواجهة حالات الخروج عن الأمن بالرغم من المحاولات التي تؤديها الشرطة العسكرية من التصدي لبعض حالات البلطجة والسرقة التي تصل إليها والعقوبات الرادعة والسريعة التي تصدرها المحاكم العسكرية إلا أن الواقع العملي يكشف عن أن الظاهرة في ازدياد وليست في نقصان ومن هنا يتعين وعلي وجه السرعة البدء في توفير الأمن والأمان للمواطن المصري من خلال تفعيل دور الشرطة وتدعيمها بالآلاف من أفراد الشرطة العسكرية واستدعاء الآلاف من الشرطة العسكرية السابق تسريحهم من القوات المسلحة خلال السنوات العشر الماضية وتكليفهم بالعمل مؤقتا في دعم قوات الأمن في كل أقسام الشرطة. ولابد أن يحتل أمن الشارع والمواطن المرتبة الأولي والأولوية المطلقة لدي جهاز الشرطة بمعني أنه إذا كانت هناك قوات شرطية تعمل في حراسة النقل والمواصلات أو الكهرباء أو السياحة أو الآثار أو الدفاع المدني ويمكن إحلال أجهزة مدربة من خلال المكاتب المتخصصة في الأمن للقيام بهذه المهام ولو بصورة مؤقتة واستدعاء قوات الأمن العاملة في هذه المواقع للعمل بالأمن العام وفرض هيبة وسلطة الأمن في الشارع المصري مع ضرورة منح رجال الشرطة بعد إزاحة العناصر غير الصالحة خاصة القيادات التي أوصلتنا إلي ما نحن فيه ومنحهم كل الصلاحيات والحصانات والثقة التي تكفل لهم أداء عملهم علي نحو فاعل مع ضرورة تحقيق العدالة المطلقة بين كل أجهزة الشرطة سواء في الرواتب والمكافآت والامتيازات بحيث يكون هناك حد أقصي لما يحصل عليه القيادات الشرطية لا يتجاوز بأي حال من الأحوال في الوقت الحاضر10 أضعاف ما يحصل عليه أدني راتب في جهاز الشرطة حني يشعر جميع رجال الشرطة بالعدالة. أما بالنسبة لحالة البطالة المنتشرة فلابد من سرعة توفير المناخ لإعادة الأمور لطبيعتها نتيجة لهذا الاستقرار وحصول الآلاف من المواطنين علي فرص العمل اليومية التي كانوا يعملون بها مع تشجيع رجال الأعمال والمستثمرين علي بدء تنفيذ المشروعات.